والقول بجوازه هو قول طوائف: كطائفة من المعتزلة يسمون أصحاب المعاني من أصحاب معمر بن عباد الذين يقولون: للخلق إلى ما لا نهاية له، لكن هؤلاء يثبتون تسلسلاً في آن واحد، وهو تسلسل في تمام التأثير، وهو باطل، وقول طوائف من أهل السنة والحديث، كالذين يقولون: إن الحركة من لوازم الحياة، وكل حي متحرك، والذين يقولون: إنه لم يزل متكلما إذا شاء، وغير هؤلاء.
فإذا كان فيه قولان، فإما أن يكون جائزاً، أو يكون العلم بامتناعه نظيراً خفياً.
بل الجواب القاطع يكون بوجوه قد بسطناها في غير الموضع.
منها ما ذكرناه، وهو أن يقال: التأثير سواء كان وجودياً أو عديماً، وسواء كان التسلسل ممكنا ًأو ممتنعاً، فاحتجاجهم به على قدم العالم احتجاج باطل.
أو يقال: إن كان التسلسل في الآثار ممكناً بطلت الحجة، لإمكان حدوثه بتأثير حادث، وإن لزم التسلسل.
وإن كان ممتنعاً لزم حدوث الحوادث بدون تسلسل التأثير، وهو يبطل الحجة، فالحجة باطلة على التقديرين، وهذا جواب مختصر جامع.
فإن الحجة مبناها على أنه لا بد للحوادث من تأثير وجودي، فإن كان محدثاً لزم التسلسل، وهو ممتنع، وإن كان قديماً لزم قدم الأثر.
فيقال له: إن كان التسلسل في الآثار ممكنا بطلت الحجة، لإمكان حدوثه عن تأثير حادث، وذلك عن تأثير حادث، وهلم جراً، وامتناع التسلسل مقدمة من مقدمات الدليل، فإذا بطلت مقدماته بطل، إن كان التسلسل ممتنعاً، لزم أن تكون الحوادث حدثت عن تأثير وجودي قديم، وحينئذ فيمكن حدوث العالم بدون تسلسل الحوادث عن تأثير قديم، وهو المطلوب.