لسائر أنواع حركاتها، بل يجب أن يكون المحرك غيره، والمتحركات المنفصلة عنه ليست منه وحده، بل منه ومن غيره، فليس فيها ما هو مستقل بالتحريك، وما كان مفتقراً إلى غيره لم يكن واجباً بنفسه.
فلا بد من محرك منفصل عنها.
ومثل أن يقال: ليس شيء منها مستقلاً بمصالح السفليات والآثار الحادثة فيها، بل إنما يحصل ذلك بأسباب منها اشتراكها، ومنها أمور موجودة في السفليات ليست من واحد منها، فكل واحد منها لا بد له من شريك معاون، له مانع يعوقه عن مقتضاه، فلا يتم أمره إلا بمشارك غني عنه، وانتفاء مانع معارض له، فيمتنع أن يكون مبدعاً لشريكه الغني عنه، ولمانعه المضاد له، وأن يكون ما يحصل من المصالح التي في العالم السفلي بمجرد قصده وفعله، فوجب أن يكون هناك ما يوجب فعله وحركته من غيره، وذلك هو الأمر والتسخير.
لأن الحركة إن كانت قسرية فلها قاسر.
وإن كانت طبيعية فالطبعية لا تكون إلا إذا خرجت بالعين من محلها، فهي مقسورة على الخروج.
وإن كانت إرادية فالمريد لآثار لا يستقل بها ولا يحصل إلا بمشاركة غيره، ويمتنع بمعارضة غيره له فيها، هو مفتقر في مقصوده إلى غيره.
ويمتنع أن يكون واجب الوجود بنفسه، لأن الواجب بنفسه لا يكون مفتقراً إلى غيره المستغني عنه بوجه من الوجوه، إذ لو افتقر إلى غيره بوجه من الوجوه، لم يكن من ذلك الوجه غنياً عن الغير، بل مفتقراً إليه.