وقوله: إن في الآيات ما يدل على العناية دون الاختراع وغير ذلك -كلام ليس هذا موضعه، بل كل ما دل على العناية دل على الاختراع، ولكن المقصود هنا حكاية ما ذكره.
قال: فقد بان من هذه الأدلة على وجود الصانع منحصرة في هذين الجنسين: دلالة العناية، ودلالة الاختراع.
قال: وبين أن هاتين الطريقتين هما بأعيانهما: طريقة الخواص، ويعنى بالخواص العلماء، وطريقة الجمهور.
وإنما الاختلاف بين المعرفتين في التفضيل: أعني أن الجمهور يقتصرون من معرفة العناية والاختراع على ما هو مدرك بالمعرفة الأولى المبنية على علم الحس.
وأما العلماء فيزيدون إلى ما يدركون من هذه الأشياء بالحس ما يدرك بالبرهان، أعني من العناية والاختراع، حتى لقد قال بعض العلماء: إن الذي أدرك العلماء من معرفة منافع أعضاء الإنسان والحيوان، هو قريب من عشرة آلاف منفعة.