قال: وإذا كان هذا هكذا فهذه الطريقة هي الطريقة الشرعية والفلسفية الحكمية، وهي التي جاءت بها الرسل، ونزلت بها الكتب، والعلماء ليسوا يفضلون الجمهور في هذين الاستدلالين من قبل الكثرة فقط، بل من قبل التعمق في معرفة الشيء الواجب بنفسه، فإن مثال الجمهور في النظر إلى الموجودات، مثالهم في النظر إلى المصنوعات، التي ليس عندهم علم بصنعها، فإنهم إنما يعرفون من أمرها أنها مصنوعات فقط، وأن لها صانعاً موجوداً.
ومثلا العلماء في ذلك مثال من نظر إلى المصنوعات التي عنده ببعض صنعها وبوجه الحكمة فيها، ولا شك أن من حاله من العلم بالمصنوعات هذه الحال، فهو أعلم بالصانع من جهة ما هو صانع، من الذي لا يعرف من تلك المصنوعات إلا أنها مصنوعة فقط.
وأما مثال الدهرية في هذا الذين جحدوا الصانع سبحانه وتعالى، فمثال من أحس مصنوعات فلم يعرف أنها مصنوعات، بل ينسب ما