إنها كاذبة فيما شهدت به، وتبدي ما يفسد شهادتها، وأنها غير صادقة، فلا يمكن ثبوت الحق بذلك، لأنا إن صدقنا كلاً منهما فيما شهدت به من الحق، وفي فسق أولئك الشهود لزم أن لا تقبل شهادة أولئك الشهود، فلا تقبل شهادة لا هؤلاء ولا هؤلاء، فلا يثبت الحق.
وإن عينا إحدى البينتين بالقبول، أو قبلنا شهادتهما في الحق دون جرح الأخرى، كان تحكماً.
مع أنه ما من مطلوب من المطالب إلا وقد تنازع فيه أهل الكلام والفلسفة جميعاً، فأهل الفلسفة متنازعون في الجهة وحلول الحوادث، وأهل الكلام متنازعون أيضاً في ذلك.
والمثبتون من هؤلاء وهؤلاء يقدحون في أدلة النفاة بالقوادح العقلية.
وأهل السنة، وإن كانوا يعرفون بعقولهم من المعاني الصحيحة نقيض ما يقول النفاة، فلا يعبرون عن صفات الله بعبارات مجملة مبتدعة، ولا يطلقون القول بأن الله جسم، وأنه تحله الحوادث، وأنه مركب، ولا نحو ذلك.
ولا يطلقون من نفي ذلك ما يتناول نفي ما أثبته الرسول ودلت العقول عليه، بل يفسرون المجملات، ويوضحون المشكلات، ويبينون المحتملات، ويتبعون الآيات البينات، ويعلمون موافقة العقل الصريح للنقل الصحيح.
وهؤلاء المتفلسفة، مثل هذا الرجل وأمثاله، وإن وافقوا النفاة في الباطن في بعض ما نفوه، فهم معترفون بأن الشرع لم يرد بذلك، ومبطلون