وهذا في كل ما يقال إنه مؤثر واحد يصدر عنه وحده شيء أصلاً.
فلا واحد يفعل وحده إلا الله سبحانه.
وهذا مما يبين ضلال هؤلاء المتفلسفة القائلين بأن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد.
وجعلوا هذه قضية كلية ليدرجوا فيها واجب الوجود.
ويقولوا: لم يصدر عنه إلا واحد بسيط، وهو ما يسمونه العقل.
فإن هذا القول، وإن كان فساده معلوماً من وجوه كثيرة، لكن المقصود هنا أن هذه القضية الكلية لا تصدق في موضع واحد غير محل النزاع.
ومحل النزاع علم فيه أن الفاعل واحد، لكن لم يعلم فيه أنه لا يفعل إلا واحداً.
وأيضاً فالوحدانية التي يستحق الرب أن يوصف بها، ليست هي الوحدة التي يدعونها، فإن تلك الوحدة التي يدعونها لا تصدق إلا على الممتنع الذي لا يمكن وجوده إلا في الذهن لا في الخارج، إذ يثبتون وجوداً مطلقاً أو مشروطاً بسلب الأمور الثبوتية أو الثبوتية والعدمية.
وهذا لا يكون إلا في الأذهان، كما قد قرروا ذلك في منطقهم، وهو معلوم بصريح العقل، وقد بين هذا في موضعه.
والمقصود هنا أنهم لا يعلمون واحداً يصدر عنه شيء غير الله تعالى.
فإذا قالوا: الشمس يصدر عنها الشعاع، فالشعاع لا يحصل إلا مع وجود جسم قابل له ينعكس عليه الشعاع، فصار لوجوده سببان: الشمس،