فإذا أجيبوا على التقديرين، وقيل لهم: إن كان التسلسل جائزاً بطلت هذه الحجة وتلك، وإن لم يكن جائزاً بطلت أيضاً هذه وتلك، كان هذا جواباً قاطعاً.
ولكن لفظ التسلسل فيه إجمال واشتباه، كما في لفظ الدور، فإن الدور يراد به: الدور القبلي، وهو ممتنع بصريح العقل واتفاق العقلاء، ويراد به الدور المعي الاقتراني، وهو جائز بصريح العقل واتفاق العقلاء، ومن أطلق امتناع الدور فمراده الأول، أو هو غالط في الإطلاق.
ولفظ التسلسل يراد به التسلسل في المؤثرات، وهو أن يكون للحادث فاعل وللفاعل فاعل، وهذا باطل بصريح العقل واتفاق العقلاء، وهذا هو التسلسل الذي أمر التبي صلى الله عليه وسلم بأن يستعاذ بالله منه، وأمر بالانتهاء عنه، وأن يقول القائل: آمنت بالله ورسله.
كما في الصحيحين «عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي الشيطان أحدكم، فيقول: من خلق كذا؟ حتى يقول له: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته» .
وفي رواية: «لا يزال الناس يتساءلون، حتى يقولوا: هذا الله خلق الخلق من خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل: