مفعول الفاعل الواحد قد شاركه فيه غيره، فحيث حصلت المشاركة لم يكن هناك مفعول واحد لفاعل واحد، فإن الوحدة تناقض الشركة، ومفعولات المخلوقات لا بد فيها من الاشتراك، لكن لا يفعل أحد الشريكين نفس فعل الآخر، فلا تفعل اليد ما تفعله العين، ولا يفعل الدماغ ما يفعله القلب، وإن كان كل منها مفتقراً إلى غيره في فعله.
فكذلك السفينة إذا كان فيها ربانان، أو كان للقرية رئيسان، أو للمدينة ملكان، لم يمكن أن يكون فعل هذا هو نفس فعل هذا، بل يفعل هذا شيئاً وهذا شيئاًن وما يفعله كل منهما لا يفعله الآخر.
فلهذا قال هذا الرجل: إنه ليس يكون عن فاعلين من نوع واحد فعل واحد، وقوله: من نوع واحد -إن كان زيادة إيضاح، وإلا فلا حاجة إليه، فإنه لا يمكن أن يكون عن فاعلين فعل واحد، سواء كان فعلهما نوعاً واحداً أو نوعين مختلفين، بل الامتناع هنا أظهر.
وقوله: متى اجتمع فعلان من نوع واحد على محل واحد فسد المحل ضرورة، أو تمانع الفاعل، فإن الفعل الواحد لا يصدر إلا عن فاعل واحد فحقيقته أن يقال: بل يمتنع الفعل والحال هذه، فلا يمكن وقوعه حتى يقال: إن المحل يفسد أو لا يفسد.
ولكن هو ظن -كما ظن من ظن من المتكلمين- أن الإله هو بمعنى الرب، وأن دلالة الآية على انتفاء إلهين إنما دلت به على انتفاء ربين فقط، وذلك يظهر بتقدير امتناع الفعل من ربين.