وسنبين إن شاء الله أن الآية دلت على ما هو أكمل وأعظم من هذا، وأن إثبات ربين للعالم لم يذهب إليه أحد من بني آدم، ولا أثبت أحد إلهين متماثلين، ولا متساويين في الصفات ولا في الأفعال، ولا أثبت أحد قديمين متماثلين، ولا واجبي الوجود متماثلين.
ولكن الإشراك الذي وقع في العالم إنما وقع بجعل بعض المخلوقات مخلوقة لغير الله في الإلهية بعبادة غير الله تعالى، واتخاذ الوسائط ودعائها والتقرب إليها، كما فعل عباد الشمس والقمر والكواكب والأوثان، وعباد الأنبياء والملائكة أو تماثيلهم ونحو ذلك.
فأما إثبات خالقين للعالم متماثلين فلم يذهب إليه أحد من الآدميين.
وقد قال تعالى:{ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله}[لقمان: ٢٥] .
وقال تعالى:{قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله قل أفلا تتقون * قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون}[المؤمنون: ٨٤-٨٩] .
وقال:{وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}[يوسف: ١٠٦] .
والرسل دعوا الخلق إلى توحيد الإلهية، وذلك متضمن لتوحيد الربوبية.
كما قال كل منهم لقومه:{اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}[الأعراف: ٥٩] .