وقال:{واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون}[الزخرف: ٤٥] .
وقال:{وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}[الأنبياء: ٢٥] .
وقال:{ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}[النحل: ٣٦] .
وإلا فمجرد توحيد الربوبية قد كان المشركون يقرون به، وذلك وحده لا ينفع.
وهؤلاء الذين يريدون تقرير الربوبية من أهل الكلام والفلسفة، يظنون أن هذا هو غاية التوحيد، كما يظن ذلك من يظنه من الصوفية، الذين يظنون أن الغاية هو الفناء في توحيد الربوبية.
وهذا من أعظم ما وقع فيه هؤلاء وهؤلاء من الجهل بالتوحيد، الذي بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب.
فإن هذا التوحيد -الذي هو عندهم الغاية- قد كان مشركو العرب يقرون به، كما أخبر الله عنهم.
ولكن كثير من الطوائف قصر فيه، مع إثباته لأصله، كالقدرية الذين يخرجون أفعال الحيوان عن قدرة الله ومشيئته وخلقه، ولازم قولهم حدوث محدثات كثيرة بلا محدث.
وأما الفلاسفة القائلون بقدم العالم، فلازم قولهم أن الحوادث جميعها ليس لها فاعل.
ثم هم يجعلون بعض مبدعات الرب هي الفاعلة لما سواه، كما يزعمون مثل ذلك في العقل.