ومشركو العرب كانوا خيراً في التوحيد من هؤلاء، فإن هؤلاء غايتهم أن يثبتوا أسباباً لبعض الموجودات.
لكن الأسباب لا تستقل، بل تفتقر إلى مشارك، وانتفاء معارض، وقد يثبتون أسباباً وعللاً لا حقيقة لها، كالعقول التي يزعمون أنها أبدعت ما سواها.
وأما المجوس الثنوية فهم أشهر الناس قولاً بإلهين، لكن القوم متفقون على أن الإله الخير المحمود هو النور الفاعل للخيرات، وأما الظلمة -التي هي فاعل الشرور- فلهم فيها قولان: أحدهما: أنه محدث حدث عن فكرة رديئة من النور.
وعلى هذا فتكون الظلمة مفعولاً للنور.
لكنهم جهال أرادوا تنزيه الرب عن فعل شر معين، فجعلوه فاعلاً لأصل الشر، ووصفوه بالفكرة الرديئة التي هي من أعظم النقائص، وجعلوها سبباً لحدوث أصل الشر.
والقول الآخر قولهم: إن الظلمة قديمة كالنور.
فهؤلاء أثبتوا قديمين، لكن لم يجعلوها متماثلين ولا مشتركين في الفعل، بل يمدحون أحدهما ويذمون الآخر.
ولذلك من قال من الملاحدة كمحمد بن زكريا الرازي الطبيب