للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما قيل لهم: هذا إنما يلزم إذا اختلفت إرادتهما، فيجوز اتفاق إرادتهما.

أجابوا بأنه إذا اتفقا في الآخرة امتنع أن يكون نفس ما فعله أحدهما نفس مفعول الآخر، فإن استقلال أحدهما بالفعل والمفعول، يمنع استقلال الآخر به، بل لا بد أن يكون مفعول هذا متميزاً عن مفعول هذا.

وهذا معنى قوله تعالى: {إذا لذهب كل إله بما خلق} [المؤمنون: ٩١] .

وهذا ممتنع، فإن العالم مرتبط بعضه ببعض ارتباطاً يوجب أن الفاعل هذا ليس هو مستغنياً عن فاعل الآخر، لا حتياج بعض أجزاء العالم إلى بعض.

وأيضاً فلا بد أن يعلو بعضهم على بعض، فإن ما ذكرناه من جواز تمانعهما، إنما هو مبني على جواز اختلاف إرادتهما.

وذلك أمر لازم من لوازم كون كل منهما قادراً، فإنهما إذا كانا قادرين، لزم جواز اختلاف الإرادة.

وإن قدر أنه لا يجوز اختلاف الإرادة، بل يجب اتفاق الإرادة، كان ذلك أبلغ في دلالته على نفي قدرة كل واحد منهما، فإنه إذا لم يجز أن يريد أحدهما ويفعل إلا ما يريده لآخر ويفعله، لزم أن لا يكون واحد منهما قادراً، إلا إذا جعله الآخر قادراً، ولزم أن لا يقدر أحدهما إلا إذا لم يقدر الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>