للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا بين الله تعالى في كتابه: أن كل واحد من ذهاب كل إله بما خلق، ومن علو بعضهم على بعض، برهان قاض بأنه ليس مع الله إله.

كما قال تعالى: {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض} [المؤمنون: ٩١] .

فجعل هنا لازمين، كل منهما يدل على انتفاء الملزوم.

أحدهما قوله: {إذا لذهب كل إله بما خلق} فإن الإله لا بد أن يكون قادراً مستقلاً بالقدرة على الفعل، لا يحتاج في كونه قادراً إلى غيره، كما تقدم من أنه لو كانت قدرة أحدهما يحتاج فيها إلى من يجعله قادراً، كان ذلك ممتنعاً.

فإن الذي يجعله قادراً: إن كان مخلوقاً له، فهو الذي جعل المخلوق قادراً، فلو كان المخلوق هو الذي جعله قادراً، كان هذا دوراً ممتنعاً، كما يمتنع أن يكون المخلوق خالقاً للخالق.

وإن كان قديماً واجباً بنفسه مثله.

كان القول في قدرته كالقول في قدرة الآخر.

فإن كانت قدرته من لوازم ذاته، لا يحتاج فيها إلى غيره، ثبت المدعى.

وإن كان يحتاج فيها إلى غيره، لم يكن قادراً حتى يجعله ذلك الآخر قادراً، وهذا دور ممتنع، كما يمتنع أن لا يكون أحدهما موجوداً أو عالماً حتى يجعله الآخر موجوداً وعالماً، فإنه حينئذ يكون كونه موجوداً وقادراً وعالماً، مستفاداً من الآخر ومفعولاً له، فلا يكون هذا حتى يكونه هذا، ولا يكون هذا حتى يكونه هذا.

فلا يكون هذا ولا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>