للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحينئذ فإذا قدر ربان، لزم أن يكون كل منهما قادراً قدرة لازمة لذاته، لا يحتاج فيها إلى غيره، فيكون الفعل بتلك القدرة ممكناً، فيلزم أن يكون الرب قادراً متمكناً من الفعل بمجرد قدرته، لا يحتاج في ذلك إلى غيره.

وحينئذ فيمتنع وجد ربين: كل منهما كذلك، لأنه إذا كان كل منهما قادراً بنفسه على الفعل، أمكنه أن يفعل دون الآخر، وأمكن الآخر أن يفعل دونه، وهذا ممتنع، فإنه إذا فعل أحدهما شيئاً، امتنع أن يكون الآخر فاعلاً له، أو شريكاً فيه، مع استقلال الأول بفعله، فيلزم عجز كل منهما عما يفعله الآخر، ويلزم أنه لا يمكنه الفعل إن لم يمكنه الآخر منه، فلا يفعله هو، فيلزم أن يكون كل منهما عاجزاً غير قادر على الفعل.

وقد تبين أنه لا بد أن يكون كل منهما قادراً على الفعل، فيلزم الجمع بين النقيضين، ويلزم أيضاً أنه لا يكون هذا قادراً إلا إذ كان الآخر غير قادر، فيلزم أن يكون كل منهما قادراً غير قادر، وهذا جمع ثان بين النقيضين.

فتبين أن الخالق لا بد أن يكون قادراً بنفسه على الاستقلال بالفعل.

وهذا وحده برهان كاف.

وحينئذ فلا بد أن يكون أحدهما أقدر من الآخر، فيلزم علو بعضهم على بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>