للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدون لازمه، فيلزم العجز عن الانفراد بالفعل، وذلك بنفي القدرة التي هي من لوازم الربوبية.

وأما البرهان الثاني: وهو لزوم علو بعضهم على بعض، وذلك بمنع إلهية المغلوب فإنه يمتنع أن يقدر أحدهما على عين مقدور الآخر، لأن ذلك يستلزم أن يكون ما فعله أحدهما يقدر الآخر أن يفعله، مع كونه فعل الأول.

ويمتنع أن يكون كل منهما لا يقدر إلا إذا مكنه الآخر وأقدره، فإن ذلك يستلزم أن لا يكون أحدهما قادراً، فيمتنع أن يكون كل منهما قادراً على الاستقلال، ويمتنع أن يكونا قادرين على مفعول واحد، فيلزم حينئذ أن لا يوجد مفعول واحد، لا بطريق استقلال أحدهما، ولا بطريق اشتراكهما فيه، وذلك يمنع أن يكون أحدهما قادراً.

وكذلك يمتنع أن يكونا متماثلين في القدرة، فإنه إن أمكن كل منهما منع الآخر من الفعل، لزم امتناع الفعل، وانتفاء القدرة عن كل منهما.

وإن لم يمكنه ذلك، لزم أن لا يكون قادراً على ما يقدر عليه الآخر، إذا لو كان قادراً عليه، لأمكنه فعله.

وذلك ممتنع.

وإذا لم يكن قادراً على ما يقدر عليه الآخر، لم تكن قدرته مثل قدرته، فإن المثلين هما اللذان يسد أحدهما مسد الآخر، ويقوم مقامه.

وإذا امتنع تماثل القدرتين، وجب كون أحدهما أقدر من الآخر، وحينئذ فالأقدر الأقوى يغلب الأضعف.

وهذا معنى قوله: {ولعلا بعضهم على بعض} [المؤمنون: ٩١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>