للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: قد أوردوا هنا سؤالاً معروفاً، أورده الآمدي وغيره، وذكروا أنه لا جواب عنه.

وهو أنه يجوز أن يكون كل منهما قادراً، بشرط أن لا يفعل الآخر معه.

ولا يقدح ذلك في القدرة كما يكون هو قادراً على أحد الضدين، بشرط عدم الآخر.

فإن اجتماع الضدين محال، فالقدرة على فعل أحدهما ينافي القدرة على فعل الآخر معه، ولا ينافي القدرة على فعل الآخر حال عدمه.

بل كل من الضدين مقدور بشرط عدم الآخر، وهو مقدور على سبيل البدل، لا على سبيل الجمع، فكذلك يقال في القادرين: كل منهما قادر على الفعل المعين، حال عدم قدرة الآخر عليه.

قيل: هذا تشبيه باطل.

وذلك أن القادر على الضدين يفعل كل منهما بمشيئته.

وإذا فعل أحدهما لم يكن عاجزاً عن فعل الآخر، لكنه قادر عليه إن اختاره والجمع بينهما ممتنع لذاته، ليس بشيء.

وذلك لا ينافي القدرة بوجه من الوجوه، فإن الفاعل لأحد الضدين يختار هذا دون ذاك، فلم يكن عدمه إلا لكونه لم يرده، لا لأن غيره منعه منه.

ولا أن قدرته عاجزة عنه إذا أراد أن يفعله، بخلاف القادر إذا قيل: إنه لا يمكنه الفعل إلا إذا أمكنه غيره، ولم يرد أن يفعل معه، ولو أراد الآخر أن يفعل ما فعله، لم يقدر أن يفعله هو، فإنه حينئذ لا يكون قادراً بنفسه، بل يكون غير قادراً حتى يمكنه الآخر، ويمتنع من أن يفعل ما يفعله.

ومما يوضح هذا أن الخالق لا بد أن يكون قادراً، وأن يكون قادراً بنفسه، لا بقدرة استفادها من غيره، ويمتنع أن يكون معه آخر قادر

<<  <  ج: ص:  >  >>