للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنفسه، فإن القادر لا بد أن يقدر أن يفعل وحده مفعولاً لا يشركه فيه غيره، فإنه إذا كان لا يقدر إن لم يعاونه غيره، لم يكن قادراً بنفسه، بل كان تمام قدرته من ذلك المعنى له.

ويمتنع أن يكون كل منهما لا يكون قادراً إلا بإعانة الآخر، فإن هذا بدون إعانة الآخر ليس بقادر، وهذا بدون إعانة الآخر ليس بقادر، فليس واحد منهما قادراً بنفسه، ومن لم يكن قادراً بنفسه امتنع أن يجعل غيره قادراً، فإنه إذا لم يكن القادر قادراً بنفسه، امتنع أن يجعل غيره قادراً بطريق الأولى، فلو لم يكن الوجود من هو قادر بنفسه، بمعنى أنه قادر على أن يستقل بالفعل، فيفعل وحده من غير شريك ومعين، لم يكن في الوجود حادث، لامتناع وجود الحوادث بدون القادر بنفسه.

والحوادث مشهودة دلت على وجود القادر بنفسه، ويمتنع أن يكون في الوجود قادران على الاستقلال بالفعل، بحيث يكون كل منهما مستقلاً بالفعل وحده، فإنه إذا قدر ذلك، فحال ما يفعل أحدهما الفعل، يمتنع أن يكون الآخر قادراً على ذلك الفعل بعينه، فاعلاً له وحده، فإنه إذا فعله أحدهما وحده، لم يكن له شريك، فضلاً عن أن يفعله غيره مستقلاً، فتبين أنه حال ما يكون الشيء مقدوراً لقادر مستقل، أو مفعولاً لفاعل مستقل، لا يكون مقدوراً ولا مفعولاً لآخر مستقل.

فتبين أن ما يقدر عليه يفعله القادر المستقل، يمتنع أن يقدر عليه غيره ويفعله غيره، بل يكون هذا عاجزاً عما يفعله هذا، ولا يكون هذا قادراً

<<  <  ج: ص:  >  >>