استعملوه هو الذي يعرفه أهل المنطق بالشرطي المنفصل، ويعرفونه هم في صناعتهم بدليل السبر والتقسيم.
والدليل الذي هو الآية هو الذي يعرف في صناعة المنطق بالشرطي المتصل، وهو غير المنفصل.
ومن نظر فيه أدنى نظر في تلك الصناعة تبين له الفرق بين الدليلين.
وأيضاً فإن المحالات التي أفضى إليها دليلهم غير المحال الذي أفضى إليه دليل الكتاب، وذلك أن المحال الذي أفضى إليه دليلهم هو أن يكون العالم: إما لا موجوداً ولا معدوماً، وإما أن يكون موجوداً ومعدوماً، وإن أن يكون الإله عاجزاً مغلوباً.
وهذه مستحيلات دائمة الاستحالة أكثر من واحد.
والمحال الذي أفضى إليه دليل الكتاب ليس مستحيلاً على الدوام، وإنما علقت الاستحالة فيه في وقت مخصوص، وهو أن يوجد العالم فاسداً في وقت الوجود، فكأنه قال:(لو كان فيهما آلهة إلا الله) لوجد العالم فاسداً في الآن، ثم استثنى أنه غير فاسد، فوجب ألا يكون هناك إله إلا واحد.
قلت: الفساد المذكور في الآية لم يوقت بوقت مخصوص، والفساد ليس هو امتناع الوجود الذي يقدر عند تمانع الفاعلين، إذا أراد أحدهما شيئاً وأراد الآخر نقيضه، ولا هو أيضاً امتناع الفعل الذي يقدر عن كون المفعول الواحد لفاعلين، فإن هذا كله يقتضي عدم الوجود.