وإن قلت: إن ذلك يمنعه عنه، حتى لا يجعل له به كمالاً، أعني كونه يعقل الأشياء.
قلنا: فامنع هذا أيضاً، أعني كونه يخلق الأشياء، حتى لا يكون له به كمال، فيما لا يخلق لا يكون خالق المخلوقات ومبدأً أول لها، كما أنه بما لا يعقل لا يكون عاقل المعقولات، ولو بما لا يعقل واحداً منها، مثلما لا يخلق واحداً منها، فإن الذي لزم في علم المعلوم، يلزم مثله في خلق المخلوقات أو إبداع المبدع، فإنه بقياس لا وجوده عنه ليس بخالق ولا مبدع، فإن لم يوجب هذا نقصاً، لم يوجب ذاك.
وإن أوجب ذاك، فقد أوجب هذا، وإجلاله عن ذلك، كإجلاله عن هذا، وقدرته على هذا، كقدرته على ذاك، فلم نزهته عن ذاك، ولم تنزهه عن هذا؟ ولم خشيت عليه التعب في أن يعقل، ولم تخشه عليه في أن يفعل؟.