الأشياء فيوجب لها نقصاً، فإذا كان فعله لكل ما في الوجود لا يوجب له نقصاً، فكيف بعلمه بذلك؟ وإذا كان فعله لها لا يوجب كونه محتاجاً إليها مستكملاً بها، فكيف يوجب ذلك علمه بها؟
ونحن نعلم أن كون الفاعل لا يفعل بعض الأشياء أكمل من فعلها، وأما كونه لا يعلمها، فلا يعقل كونه نقصاً، إلا إذا اقترن بالعلم ما يذم، لا أن نفس العلم يذم، فإذا كان فعله لبعض الموجودات ليس أكمل من فعله لها كلها، ولم يكن أن لا يفعلها أكمل من أن يفعلها، فكيف يكون أن لا يبصرها أفضل من أن يبصرها؟
وإذ قيل: هو فاعل لبعضها بتوسط بعض.
قيل: كيفما قدرت وجود الفعل ونفي كونه نقصاً، كان تقدير وجود العلم ونفي كونه نقصاً أولى وأحرى.
فإن قلت: فعله للمفعول الأول لازم لذاته وهلم جراً، ولا يكون نقصاً.
قيل: إن قدر أن هناك معلولاً أول يلزمه، فإن علمه بنفسه إذا كان يستلزم علمه بالمعلول الأول ولوازمه، لم يكن نقصاً بطريق الأولى.
وإذا قيل: إن في التعقلات تعباً.
قيل: من لم يتعب بالفعل، فأن لا يتعب بالعلم بطري الأولى، فكيف يعقل فاعل يفعل دائماً ولا يتعب بالفعل؟ فأن لا يتعب بالعلم بطريق الأولى.
فكيف يعقل فاعل يفعل دائماً ولا يتعب بالفعل، ولكن يتعب