للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعلوم، فإن العالم قد يعلم المعلوم معدوماً، ويعلمه ممتنعاً، ويعلمه قبل وجوده.

وأما الفعل فلا يكون إلا لما يوجد بالفعل، لا لما يكون معدوماً مع وجود الفعل.

وحينئذ فتوقف كونه فاعلاً على وجودها أولى من توقف كونه عالماً على وجودها.

الرابع: أنه إذا قيل: فعله لها لا يوجب احتياجه إليها، بل هي المحتاجة إليه من كل وجه، وكماله بفعله الذي هو من ذاته لا منها.

قيل: وعلمه بها لا يوجب حاجته إليها بوجه، بل العالم أغنى عن المعلوم من الفاعل إلى المفعول، إذ لا يعقل في الشاهد فاعل إلا وهو محتاج إلى فعل، بل ومفعوله، ويوجد عالم لا يفتقر إلى معلوماته، بل ولا إلى علمه بكثير من المعلومات، وإن كان علمه بها صفة كمال، وجوده أكمل منه.

وإذا قدر أن بعض الأفعال لا يحتاج إليه بل هو صفة كمال.

قيل: الفعل الاختياري لا يكون إلا بإرادة، وحاجة الإنسان إلى وجود كل مراد مطلقاً، أعظم من حاجته إلى العلم بما يعلمه مطلقاً، تعلق النفوس بمراداتها، أعظم من تعلقها بمعلوماتها.

ولهذا يقول بعض الناس ويحكونه عن علي: قيمة كل امرئ ما يحسن ولا يصح هذا عن علي.

ويقول أهل المعرفة: قيمة كل امرئ ما يطلب.

فكمال النفوس ونقصها بمرادها، أعظم من كمالها ونقصها بمعلومها.

بل نفس العلم بأي معلوم كان لا يوجب لها نقصاً، وأما إرادة بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>