فإن تعقلها لا يكون إلا بحصولها له، والصورة العقلية لا تحصل له إلا إذا قامت به، بل الصورة العقلية لا تكون إلا حالة في الإنسان، لا تكون حاصلة له بدون الحلول أبداً.
وكذلك كل عالم لا بد أن يكون العلم قائماً به، وحصول العلم للعالم بدون قيامه به ممتنع، فإن العلم لا يقوم بنفسه، ولو قدر قيامه بنفسه لم تختص به ذات دون ذات، فلا تكون الذات عالمة علماً، إن لم يكن ذلك العلم قائماً بها.
وهذا مما رد به على جهم حيث قال: إن الرب عالم بعلم لا يقوم به، لامتناع قيام الصفات به.
كما رد به على البصريين من المعتزلة قولهم: مريد بإرادة لا تقوم به.
وقول هذا الطوسي شر من قول جهم، فإن جهماً، وإن قال: إنه عالم بعلم لا يقوم به- فالعلم عنده ليس هو المعلوم.
وهذا يجعله عالماً بعلم منفصل عنه، ويجعل العلم هو المعلوم.
فإن حقيقة قول النفاة للصفات من الفلاسفة، من جنس قول النفاة لها من الجهمية، فيشتركان في التعطيل، ويفترقان في مسائل الحدوث والقدم.
ولهذا وصى ابن سينا بملازمة قول النفاة للصفات، فإن القول بالحدوث ممتنع على أصلهم، فالنفي حجة له عليهم، بخلاف مثبتة