وأصدق الكلام كلام الله الذي قال:{وما يستوي الأعمى والبصير}[فاطر: ١٩] وقال: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}[الزمر: ٩] .
ومعلوم بصرائح المعقول أن البصير أكمل من الأعمى، والعالم أكمل من الجاهل.
ومعلم هؤلاء أرسطو زعم أنه سبحانه أن لا يعلم ولا يبصر أفضل في حقه من أن يعلم ويبصر.
وهؤلاء الذي خالفوا معلمهم واستقبحوا له هذا القول، وأثبتوا له أمراً حال الرؤية والعلم يمتاز به عن حاله إذا لم ير ولم يعلم، فذاك فضل الجاهل الأعمى على العالم المبصر، وهؤلاء يلزمهم التسوية بينهما.
وأيضاً فيقال له: قولك: علمه بذاته كونه نوراً لذاته، وظاهراً لذاته، وعلمه بالأشياء كونها ظاهرة له إن أردت بقولك: كونه نوراً لذاته، وظاهراً لذاته أي كونه مرئياً لذاته، ومعلوماً لذاته -كان حقيقة الكلام: علمه بذاته كونه معلوماً لذاته.
وهذا أمر معلوم، ليس فيه قدر زائد على ما دل عليه قولنا: هو عالم بذاته.
وإن أردت بذلك: أن علمه بذاته كونه في نفسه بحيث يظهر لذاته نوراً يتجلى لذاته -كان المعنى.