على قدر مخالف عرفنا أنها زادت أو نقصت، فلو لم نكن أدركنا المقدار الأول لما حفظناه، ولو لم نحفظه لم نعرف الزيادة والنقصان.
هذا في شخص واحد في تمثله وتخيله، فكيف في أشخاص كثيرة جداً نحفظها بأشكالها وصورها، ومقاديرها وأوضاعها، لا تسعها خزانة من خزائن تسع عدة من أشخاص الناس؟ بل ولا بلدة من أكبر البلدان؟ فإن من جملة ما نحفظه في ذلك صورة بلدة مع مقدارها الكبير، وأوضاع أجزائها، حتى لو صغرت أو كبرت عن ذلك، شعرنا بموضع الزيادة والنقصان مقيساً إلى ما استثبتناه وحفظناه.
قال: ففي هذا كفاية لمن تأمله بذهن سليم ونظر ثابت.
قال: وأما ما قاله من أن المدرك بالحواس الظاهرة فالأمر فيه سهل واضح، لأن هذه الصورة إنما تدرك ما دامت المواد حاضرة موجودة، والجسم الحاضر الموجود إنما يكون حاضراً موجوداً عند جسم، وليس يكون حاضراً عند ما ليس بجسم، فإنه لا نسبة للجسم إلى قوة مفردة من جهة الحضور والغيبة، فإن الشيء الذي ليس في مكان، لا يكون للشيء المكاني إليه نسبة في الحضور عنده، والغيبة عنه.