للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا تبرأ الخليل من مخافتها لما ناظرهم في عبادة الكواكب والأصنام، وقال: {لا أحب الأفلين} (الأنعام: ٧٦) .

قال تعالى: {وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون * وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون} (الأنعام: ٨٠- ٨١) .

وقال تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} (الأنعام: ٨٢) ، فإن المشركين يخافون بالمخلوقات من الكواكب وغيرها، وهم قد أشركوا بالله، ولا يخافون الله إذ أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وإنما يخشاه من عباده العلماء، الذين لا يعلمون أنه على كل شيء قدير، وأنه بكل شيء عليم، فهؤلاء الدهرية الفلاسفة وأمثالهم لا يخافون الله تعالى.

فإن قال قائل: فهم يقرون بالعبادات، ويقولون: (ضجيج الأصوات في هياكل العبادات بفنون اللغات تحلل ما عقدته الأفلاك الدائرات) لا سيما الإسلاميون منهم، فإنهم يعظمون الأدعية والعبادات.

قيل: هم لا يقرون بأن الله نفسه يحدث شيئاً بسبب الدعاء أو غيره، وإنما الحوادث كلها عندهم بسبب حركة الفلك، لا بشيء آخر أصلاً، وهم إذا قالوا: (إن النفوس تقوى بالدعاء والعبادة والتجرد والتصفية، فتؤثر في هيولى العالم) كان هذا عندهم بمنزلة تأثير الأكل والشرب في الري والشبع، لا يستلزم ذلك عندهم

<<  <  ج: ص:  >  >>