للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موقوفاً على شيء سواه، فلا شريك له بوجه من الوجوه، فهو نفسه موجب تام لجميع صفاته، وهو بصفاته موجب لجميع مفعولاته، فإذا كان عالماً بنفسه، لم يكن أن يكون عالماً بذاته دون صفاته، فإن ذلك ليس علماً بنفسه، فإن الذات المجردة عن الصفات ليست ذاته، ولا وجود لها، وإذا علم صفاته لزم من ذلك علمه بأفعاله، وإلا لم يكن عالماً بصفاته، لأنه إذا علم أنه خالق للعالم، لم يعلم كونه خالقه، إن لم يعلم العالم، وإلا فالعلم بكونه خالقاً للعالم، مع عدم العلم بالعالم، بمنزلة كونه خالقاً للعالم بدون وجود العالم، وهذا ممتنع فذاك ممتنع.

ولو قدر نفي الصفات فالعلم بكونه خالقاً للعالم يوجب العلم بالعالم.

وهم يعبرون عن ذلك بكونه علةً ومبدأً، ونحو ذلك من العبارات التي يشترك فيها هم والمسلمون.

وكونه مبدعاً وفاعلاً، فالعلم بنفسه يوجب العلم بكونه فاعلاً، وإلا لم يكن عالماً بنفسه.

والعلم بكونه فاعلاً يوجب العلم بالمفعول، كما أن يحقق ذاته تحقق كونه فاعلاً، لأن وجود ذاته الفاعلة للعالم، بدون كونها فاعلة ممتنع، ووجود فعلها بدون العالم ممتنع.

وكون الفعل قديم العين أو النوع أو حادثهما مسألة أخرى، وكون العلم قديماً أو حادثاً، واحداً أو متعدداً، فالمقصود هنا إثبات أنه عالم بكل موجود، إذ كل موجود مفعوله، وهذا يتناول علمه بكل موجود، وكل موجود جزئي، فهو يقتضي علمه بكل جزئي.

<<  <  ج: ص:  >  >>