للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن كان علمه أكمل العلوم، وقد علم علة كل موجود، كيف لا يكون عالماً بأكمل دليل يدل على كل موجود؟.

ولو قدر أن الواحد منا يعلم الرب على ما هو عليه، لكان عليماً بكل شيء، لكن قوانا تعجز عن ذلك.

وأما هو سبحانه فهو يعلم نفسه، وهي ملزمة لكل موجود، وخالقة لكل شيء، وموجبة بمشيئتها وقدرتها لكل شيء، وبلغتهم: هي علة لكل شيء.

وهو سبحانه الدليل والبرهان على كل شيء من هذه الجهة، ومن جهة أنه يدل عباده بإعلامه وهدايته وكلامه، فإذا كان هو سبحانه عالماً بنفسه، المستلزمة لك شيء، التي هي دليل على كل شيء، وموجبة لكل شيء، وباصطلاحهم: علة لكل شيء -وجب أن يكون عالماً بكل شيء، وإلا لم يكن عالماً بنفسه، بل كان عالماً ببعض أحوال نفسه، والتقدير أنه عالم بنفسه.

ثم يقال: الموجب لعلمه بنفسه، يوجب علمه بجميع أحوال نفسه، كما سيأتي تقريره.

ويمتنع أن يخص علمه ببعض أحوال نفسه، إذ لا موجب للتخصيص، بل الموجب للتعميم قائم.

وإذا كان عالماً بجميع أحوال نفسه، وجب ضرورة أن يعلم لوازمها.

واعلم أن المقصود هنا: أن علمه بنفسه يستلزم علمه بخلقه، ويمتنع وجوده بدونه، كما يستلزم العلم بالدليل على الوجه التام العلم بالمدلول عليه، ويمتنع وجوده دونه.

وأما كون العلم بنفسه أوجب ذلك، وكان علة في وجوده -فهذا،

<<  <  ج: ص:  >  >>