الأفعال الصادرة عنه هي صادرة عن علم، وكل ما صدر عن علم وحكمة، فهو صادر بإرادة الفاعل، لا ضرورياً طبيعياً، إذ ليس عن طبيعة العلم صدور الفعل عنه، كما حكى هو عن الفلاسفة، لأنا إذا قلنا: يعلم الضدين، لزم أن يصدر عن الضدان معاً، وذلك محال.
فصدور أحد الضدين عنه، يدل على صفة زائدة على العلم، وهي الإرادة.
وهكذا ينبغي أن يفهم ثبوت الإرادة في الأول عند الفلاسفة، فهو عندهم: عالم مريد عن علمه ضرورة.
وقال ابن رشد أيضاً: وأما قول أبي حامد: إن الفعل قسمان: إما طبيعي وإما إرادي -فباطل.
بل فعله عند الفلاسفة: لا طبيعي بوجه من الوجوه، ولا إرادي بإطلاق.
بل إرادي منزه عن النقص الموجود في إرادة الإنسان.
وكذلك اسم الإرادة مقول عليهما باشتراك الاسم.
كما أن اسم العلم كذلك على العلمين: القديم والحادث، فإن الإرادة في الحيوان والإنسان انفعال لاحق له عن المراد، فهي معلولة عنه.