الموجودة، إذا أدرجنا الموجودات في الأمر الكلي، كما في علم الشرع والطب وغير ذلك.
فعلم الطبيب بأن السقمونيا تستخرج الصفراء، وأن الدم يستخرج بالفصد والحجامة، لا يوجب علماً بما ينتفع به الناس، إن لم يعلم أن هذا به صفراء، وهذا قد زاد به الدم.
فإذا علم المعينات مع الكليات انتفع بعلمه، وأمكن أن يكون له تأثير في الوجود، ويصير علماً فعلياً، أي هو شرط في الفعل.
فأما العلم الكلي بدون العلم بالجزيئات التي يفعلها الفاعل، فلا يكون علماً فعلياً، ولا يؤثر في وجود شيء ولا في فعله.
وبهذا يتبين أن قولهم: إن علم الرب تعالى فعلي، مع إخراج الجزئيات الموجودة عنه تناقض يعرفه من تصور القولين.
وعامة أقوال القوم متناقضة، لكن ضلالهم في مسألة العلم عظيم جداً، وهو من أقبح الكفر وأعظمه منافاة لصريح المعقول، وما فطر الله عليه عباده.
وقوله: إن شخص زيد إنما يتميز عن شخص عمرو للحس لا للعقل، فإن عماد التمييز الإشارة إلى جهة معينة، والعقل يعقل الجهة المطلقة الكلية والمكان الكلي.
فأما قولنا: هذا وهذا، فهو إشارة إلى نسبة حاصلة لذلك المحسوس إلى الحاس، بكونه منه على قرب أو بعد أو جهة معينة.