للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقال لهم: من الذي فرق في حق الخالق تعالى بين الحس والعقل حتى وصفه بالعقل دون الحس؟ فإن كنتم تحتجون بالمعقولات التي تعرفونها، فهي تبطل هذا الفرق.

وإن كنتم تعتصمون بالشرع، فهو لم يطلق عليه اسم العقل ولا الحس، لكن قال: لفظ العلم والسمع والبصر، وبين أنه بكل شيء عليم، وأنه سميع بصير، والسمع والبصر هو مما يريدونه بلفظ الحس.

فإن قلتم: أن علمه بالجزئيات المشخصة لا يمكن إلا مع رؤيته لها.

فلا محذور في إثبات رؤيته لكل مخلوق.

وإذا قلتم: هذه المحسوسات في جهة، والإحساس بها يقتضي كونها بجهة من الحاس على قرب أو بعد.

فهذا يناسب قولكم: إن ماليس في مكان ليس له نسبة إلى المكان.

وحينئذ فيقال: أنتم تعلمون أن النفس لها تعلق للشعور والتدبير بالبدن الجزئي.

فإن ذلك يستلزم أن يكون الذي يحس البدن جسماً، فالنفس جسم، وتدبير رب العالمين لمخلوقاته أعظم من تدبير النفس للبدن.

فإن النفس ليست مستقلة بتدبيره، بل لها شركاء في قوى طبيعة وأسباب خارجية.

وأما رب العالمين فلا شريك له في تدبير مخلوقاته، فيكون علمه بهم ورؤيته لهم أعظم من علم النفس ببدنها وإدراكها له، سواء سمي هذا وهذا حساً أو لم يسم.

وما شاركتم فيه الجهمية من النفي لا ينفعكم، وإنما تنفعكم الأدلة

<<  <  ج: ص:  >  >>