ومن يتكلم فيها تناقض كلامه، لفساد الأصل الذي يبنون عليه، وهو صدور الحوادث عن علة موجبة لمعلولها بوسط أو بغير وسط، فإن هذا ممتنع، بل هو جمع بين النقيضين، لأن العلة التامة لا يتخلف عنها شيء من موجبها، ولا موجب موجبها، والحوادث متأخرة، فلا يكون من موجبها ولا موجب موجبها، فجعلها من موجبها أو موجب موجبها تناقض.
فإذا كانوا حائرين في أصل صدور الحوادث عنه، فكيف في إرادته لها وعلمه بها؟.
وما ذكره من أن نفاة المتكلمين لا دليل عندهم إلا ما ذكر من أن الذي تقوم به الحوادث حادث، وما ذكره من إبطال دليلهم على ذلك، هو له ألزم.
فإن الفلاسفة يقيموا على ذلك دليلاً بحال، إلا ما ينفي الصفات مطلقاً.
وقولهم في ذلك باطل متناقض إلى الغاية، كما قد بين في موضعه.
وكلامه يتضمن إثبات الصفات.
فإذا كان من أصلهم أن القديم قد يقوم به الحادث، مع أنه تقوم الصفات بالواجب القديم، كان ما ألزمه لنفاة المتكلمين له ألزم.
قال: فإن قيل: فصفة الكلام من أين تثبت له؟
قلنا: تثبت له من قيام الصفة العلم به، وصفة القدرة على الاختراع.
فإن الكلام ليس شيئاً أكثر من أن يفعل المتكلم فعلاً يدل