عند المخاطب على العلم الذي في نفسه، ويصير المخاطب بحيث ينكشف له ذلك العلم الذي في نفسه.
وذلك فعل من جملة أفعال الفاعل.
قلت: الكلام ليس هو من نفس التكليم، فليس كل متكلم مخاطباً لغيره، والنظر أولاً في إثبات كونه متكلماً، ثم في إثبات كونه مكلماً لغيره، وما ذكره إنما هو في إثبات كونه مكلماً لغيره.
ثم إنه لم يذكر إلا مجرد الإعلام والإفهام والدلالة بأي طريق كان.
وما يسمى إعلاماً وإفهاماً.
ويسمى تكليماً مع الإطلاق أو التقييد درجات.
كما قال تعالى:{وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء}[الشورى: ٥١] ، فالتكلم من وراء حجاب كما كلم موسى، وبإرسال ملك كما أرسل جبريل بالقرآن، أعظم من مجرد الإيحاء.
كما قال:{وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه}[القصص: ٧] .
وقال:{وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي}[المائدة: ١١١] .
ولا ريب أن الدلالة على مراتب: أحدها: أن يدل الدليل بغير شعور منه ولا قصد، فهذا الذي يسمى لسان الحال، وكل ما يسمى دليلاً فيسمى بهذا الإعتبار شاهداً ومعرفاً وقائلاً، كما قال: