كسائر مفعولاته، فجعل العبد يعلم بمنزلة جعله يسمع ويبصر، ويقدر ويعمل.
ومعلوم أن هذا لا يقدر عليه غير الله، وهو مع هذا متناول لجميع الحيوان.
قال تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى* الذي خلق فسوى* والذي قدر فهدى} [الأعلى: ١-٣] .
وقال موسى: {ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} [طه: ٥٠] .
فهل يكون كل من جعله الله يعلم ما لم يكن يعلم يكون قد كلمه الله؟
وأيضاً فهذا ليس نظير خطاب الإنسان بلفظه، ولا هذا واسطة في هذا التكليم، بل هذا هو نفس الواسطة.
وهو يثبت أمرين: أحدهما: فعل من الله هو التكليم.
والثاني واسطة أخرى غير الفعل.
وذلك لا يصلح لأمرين: أحدهما: أن الفعل غير المفعول، كما أقر بذلك غير مرة.
وهنا لا يثبت لله فعلاً غير ما حدث في نفس الملهم.
الثاني: أنه ليس هناك واسطة غير هذا الحادث، فنفس كون العبد يعلم هو التكليم عنده، وهو مفعول الحق.
وإذا قدر قبل هذا العلم خلق استعداد في العبد، وإثبات شروط، وإزالة موانع، فتلك هي شروط العلم، كالنظر والاستدلال فيما يحصل بذلك.
وأما قوله: بواسطة لفظ يخلقه الله في سمع المستمع المختص بكلامه.
فيقال له: هذا اللفظ: إن كان موجوداً في شيء خارج عن المستمع، فهو قول المعتزلة، الذين يقولون: إن الله كلم موسى بكلام مخلوق في غيره.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute