وإن أراد ما هو مدلول لفظه وقول أصحابه، وهو أنه خلق لفظاً في نفس موسى سمعه موسى من غير أن يكون له وجود في الخارج، فهذا من جنس ما يسمعه النائم في نفس من الأصوات، وما يقع لأرباب الرياضيات من الأصوات التي يسمعونها في أنفسهم.
ولا ريب أن إحداث المعاني العقلية المجردة في نفس الإنسان أكمل من إحداث هذه في نفسه، فيكون تكليمه لموسى أنقص من إيحائه إلى سائر النبيين، والله قد فضل موسى بالتكليم، وعلم ذلك بالضرورة من دين المسلمين واليهود والنصارى.
قال تعالى:{إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا* ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما}[النساء: ١٦٣-١٦٤] .
وقال تعالى:{تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله}[البقرة: ٢٥٣] .
وقال:{ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني} إلى قوله: {قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي}[الأعراف: ١٤٣-١٤٤] .
وقال:{وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا}[مريم: ٥٢] .