ومن نظر إلى المعنى الذي يدل عليه اللفظ، قال: إنه غير مخلوق.
والحق هو الجمع بينهما.
قال: والأشعرية قد نفوا أن يكون المتكلم فعل الكلام، لأنهم تخيلوا أنهم إذا سلم، هذا الأصل، وجب أن يعترفوا أن الله فاعل لكلامه، ولما اعتقدوا أن المتكلم هو الذي يقوم الكلام بذاته، ظنوا أنه يلزمهم عن هذين الأصلين أن يكون الله فاعلاً للكلام في ذاته، فتكون ذاته محلاً للحوادث، فقالوا: المتكلم ليس فاعلاً للكلام، وإنما هي صفة قديمة لذاته كالعلم وغير ذلك، وهذا يصدق على كلام النفس، ويكذب على الكلام الذي يدل على ما في النفس، وهو اللفظ.
والمعتزلة لما ظنوا أن الكلام هو ما فعله المتكلم، قالوا: إن الكلام هو اللفظ فقط.
ولهذا قال هؤلاء: إن اللفظ مخلوق.
واللفظ عند هؤلاء من حيث هو فعل، فليس من شرطه أن يقوم بفاعله، والأشعرية تتمسك بأن من شرطه أن يقوم بالمتكلم، وهذا صحيح في الشاهد في الكلامين معاً: أعني كلام النفس، واللفظ الدال عليه.
وأما في الخالق فكلام النفس هو الذي قام به، فأما الدال عليه فلم يقم به سبحانه.