والأشعرية لما شرطت بإطلاق أن يكون الكلام قائماً بالمتكلم، أنكرت أن يكون المتكلم فاعلاً للكلام على الإطلاق، والمعتزلة لما شرطت أن يكون المتكلم فاعلاً للكلام بإطلاق أنكروا كلام النفس.
وفي قول كل واحدة من الطائفتين جزء من الحق وجزء من الباطل، على ما لاح لك من قولنا.
فيقال له: ليس فيما ذكرته قول الأشعرية ولا قول المعتزلة ولا جمعاً بينهما وبل هو قول المتفلسفة والصابئة، الذين هم شر من اليهود والنصارى.
وذلك أن المعتزلة، وإن قالت: إن الكلام مفعول للرب، فإنها لا تجعلها محدثاً في نفس المتكلم، بل يقولون: إنه مفعول في جسم منفصل عن المستمع، وهو آية من آيات الله التي يخلقها، ومن قال بقولك كفرته المعتزلة.
وأما الأشعرية فهم، وإن قالوا: إنه معنى قائم بنفس المتكلم، فلا يجعلونه مجرد العلم، بل الكلام عندهم صفة ليست هي العلم ولا الإرادة، والكلام يكون خبراً ويكون أمراً.
والناس وإن خالفوهم في هذا المعنى، وقالوا لا يعقل إلا العلم