الأفهام، مع أنه ليس بجسم تناقض من وجهين: أحدهما: أن المحسوس الذي يحسه الناس ليس إلا جسماً أو عرضاً في جسم.
والثاني: أن النور الذي يعرفونه ليس إلا جسماً أو عرضاً في جسم، وذلك كنور المصابيح ونحوها.
فإنه إما أن يراد به نفس النور الخارج من ذبالة المصباح فذلك نار، والنار جسم.
وإما أن يراد به ما يصير على ما يلاقيه من الأرض والجدران والهواء من الضوء، فذلك عرض قائم بغيره.
وكذلك الشمس والقمر، إن أريد بالنور نفس ذات واحد منهما، كقوله:{جعل الشمس ضياء والقمر نورا}[يونس: ٥] ، فالقمر جسم.
وإن أريد بالنور ما على الأرض والهواء من ضوء ذلك، فذلك عرض، فلا يعرف الناس نوراً إلا هذا وهذا.
وأيضاً فإذا كان السؤال بما هو طبيعي للإنسان لا يقدر أن ينفك عنه، ولا يقنع الإقناع في جواب هذا السؤال بعد الاعتراف بوجود المسؤول عنه، بأن يقال: لا ماهية له لأن ما لا ماهية له لا ذات له، فلا يقع الإقناع بجواب ليس مطابقاً للحقيقة.
وبتقدير أن لا يكون هو في نفسه نوراً، يكون الجواب غير مطابق للحقيقة.
وحينئذ فالجواب المطابق للحق، مع الإعراض عن ذكر الحقيقة، أحسن من هذا، كما تقوله طائفة من الناس في جواب موسى لفرعون لما سأله بقوله: {وما رب العالمين * قال رب السماوات