والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين} [الشعراء ٢٣-٢٤] .
قالوا: لما سأله عن الماهية، والمسؤول عنه لا ماهية له، عدل إلى ما يصلح الجواب به.
فقول هؤلاء، مع أنه خطأ، أقرب من أن يجاب عن الماهية بما ليس مطابقاً للحق.
وإنما كان قول هؤلاء خطأ، لأن فرعون لم يسأل موسى سؤال مستفهم طالب للعلم بماهية المسؤول عنه، حتى يجاب جواب المستفهم السائل، كما ذكره الناس في جواب السؤال بما هو.
ولكن هذا استفهام إنكار ونفي وجحود للمسؤول عنه، فإن فرعون كان مظهراً لجحد الصانع.
ولهذا قال:{ما علمت لكم من إله غيري}[القصص: ٣٨] ، وقال:{أنا ربكم الأعلى}[النازعات: ٢٤] ، وقال:{يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب * أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا}[غافر: ٣٦-٣٧] ، تكلم بما هو جحد ونفي وإنكار لمسمى رب العالمين.
فقال:{وما رب العالمين}[الشعراء: ٢٣] .
كما لو ادعى على أحد مدع أن هذا ولدك أو شريكك في المال، أو أعطاك هذا المال، ونحو ذلك.
فقال: من هو ولدي؟ ومن هو شريكي؟ ومن هو الذي أعطاني؟ فإنه يقول ذلك على سبيل الإنكار والجحد، لا على سبيل الاستعلام والاستفهام.
فإذا كان منكراً للحق أجيب بما يقيم الحجة عليه، فيقال له: هذا الذي ولدته امرأتك فلانة، أو الذي اشتريت أنت وهو المال الفلاني، أو هو