معلولاتها، وهم يقولون: إن العالم صادر عن علة مستلزمة لمعلولها، وكل ما سواها معلول لها، وهذا مما تبين بطلانه بالضرورة.
ومن قال:(إن مجموع أجزاء العالم واجبة أو قديمة) فقوله معلوم الفساد بالضرورة.
ومن قال:(إن الحوادث صادرة عن جزء منه واجب) فقوله أيضاً معلوم الفساد، سواء جعل ذلك الجزء الأفلاك أو بعضها، لوجهين:
أحدهما: أن ذلك الجزء الذي هو واجب بغيره إذا كان علة تامة لغيره لزم أيضاً قدم معلوله معه، فيلزم أن لا يحدث شيء، وإن كان ذلك الجزء الواجب ليس هو علة تامة، امتنع صدور شيء عن غير علة تامة، ولو قدر إمكان الحدوث عن غير علة تامة أمكن حدوث كل ماسوى الله، فعلى كل تقدير قولهم باطل.
الوجه الثاني: أنه من المعلول أنه ليس شيء من أجزاء العالم مستقلاً بالأبداع لغيره من أجزائه، وإن قيل:(إن بعض أجزائه سبب لبعض) فتأثيره متوقف على سبب آخر، وعلى إنتفاء موانع، فلا يمكن أن يجعل شيء من أجزاء العالم رباً واجباً بنفسه، قديماً مبدعاً لغيره، والحوادث لا بد لها من رب واجب بنفسه قديم مبدع لغيره، وليس شيء من أجزاء العالم مما يمكن ذلك فيه، فعلم أن الرب تعالى خارج عن العالم وأجزائه وصفاته، وهذا كله مبسوط في موضع آخر.