والمقصود هنا بيان أنه ليس في المعقول ما يناقض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد علم أن المدعين لمعقول يناقضه صنفان:
صنف يجوزون عليه وعلى غيره من الرسل فيما أخبروا به عن الله تعالى وبلغوه إلى الأمم عن الله تعالى الكذب عمداً أو خطأ، أو أن يظهر نقيض ما يبطن، كما يقول ذلك من يقوله من الكفار بالرسل، ومن المظهرين لتصديقهم، كالمنافقين من المتفلسفة والقرامطة والباطنية ونحوهم ممن يقول بشيء من ذلك.
وصنف لا يجوزون عليهم ذلك، وهذا هو الذي يقوله المتكلمون المنتسبون إلى الإسلام على اختلاف أصنافهم.
والمبتدعة من هؤلاء مخطئون في السمع وفي العقل، ففي السمع حيث يقولون على الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يقل عمداً أو خطأ، وفي العقل حيث يقررون ذلك بما يظنونه براهين، وإذا كانت الدعوى خطأ لم تكن حجتها إلا باطلة، فإن الدليل لازم لمدلوله، ولازم الحق لا يكون إلا حقاً، وأما الباطل فقد يلزمه الحق، فلهذا يحتج على الحق بالحق تارة وبالباطل تارة، وأما الباطل فلا يحتج عليه إلا بباطل، فإن حجته لو كانت حقاً لكان الباطل لازماً للحق، وهذا لا يجوز،