فأجابهم من خالفهم - كالرازي وغيره - بأن الأولى قياس محض بغير جامع، فإذا قدر أن الجسم يستلزم نوعاً من أنواع الأعراض، فمن أين يجب أن يستلزم بقية الأنواع؟ وأيضاً فإن الذي يسلمونه لهم الحركة والسكون، والسكون: هل وجود أو عدم؟ فيه قولان معروفان، وأما الاجتماع والافتراق فهو مبني على مسألة الجوهر الفرد، ومن قال:(إن الأجسام ليست مركبة من الجواهر الفردة) - وهم أكثر الطوائف - لم يقل بأن الجسم لا يخل من الاجتماع والافتراق، بل الجسم البسيط عنده واحد، سواء قبل الافتراق أو لم يقبله، وكذلك إذا قدر أن فيه حقائق مختلفة متلازمة لم يلزم من ذلك أن يقبل الاجتماع والافتراق.
وأما كونه لا يخلو عنهما بعد الاتصاف فأجابوا عنه بمنع ذلك في الأعراض التي لا تقبل البقاء كالحركات والأصوات، وأما ما يقبل البقاء فهو مبني على أن الباقي هل يفتقر زواله إلى ضد أم لا؟ فمن قال:(إن الباقي لا يفتقر زواله إلى ضد) أمكنه أن يقول بجواز الخلو عن الاتصاف بالحادث بعد قيامه بدون ضد يزيله، ومن قال:(لا يزول إلا بضد) قال: إن الحادث لا يزول إلا بضد حادث، فإن الحادث بعد الحدوث لا يخلو المحل منه ومن ضده، بناءً على هذا