يقرر مقدمات حجته لم تكم حجته صحيحة، وحجته مبنية على أنه لو لم تكف ذاته في حصول ما ينفي ويثبت للزم افتقاره إلى غيره، وإنما يلزم افتقار تلك المنفيات والمثبتات إلى ذلك الغير، فإن هذا بين، فإن لم يبن أن افتقار تلك الأمور إلى الغير مستلزم لافتقاره، وإلا لم تكن حجة صحيحة، لا سيما وتلك الأمور على هذا التقدير ليست من لوازم ذاته، فإنها لو كانت من لوازم ذاته كانت ذاته كافية فيها، ولوازم الذات متى افتقرت إلى الغير لزم افتقار الذات إلى الغير، فإن الملزوم لا يوجد إلا باللازم، واللازم لا يوجد إلا بذلك الغير، فالملزوم لا يوجد إلا بذلك الغير، ولكن ذلك الغير لا يجب أن يكون فاعلاً أو علة فاعلة، بل يجوز أن يكو شرطاً ملازماً.
وقد بين في غير هذا الموضع أن نفس ذات الواجب إذا قيل: هي ملازمة لصفاته الواجبة له، أو صفاته الواجبة له ملازمة لذاته، أو كل من الصفات الواجبة ملازم للأخرى، كان هذا حقاً وهو متضمن أن تحقيق كل من ذلك مشروط بتحقق الآخر.
وأما كون الرب تعالى مفتقر إلى شيء مباين له غنى عنه، فهذا ممتنع، فإنه سبحانه الغني عن كل شيء، فإذا قدر أن بعض لوازمه توقف على ما هو مباين له لم يكن وجوده ثابتاً إلا بوجود ذلك المباين، وكان الله مفتقراً إليه، والله غني عن كل شيء.
وأما إذا لم يكن الأمر من لوازم ذاته، بل كان من الأمور العارضة، فلا ريب أن أهل الإيمان والسنة يقولون إن الله لا يفتقر في شيء من الأشياء إلى غيره،