للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله، سواء قام بذاته أو لم يقم بذاته، ولكن هو بنفسه غني عن كل ماسواه، ولا يقال إنه نفسه غني عن نفسه، وليس في كونه مستلزماً لصفاته وفاعلاً لأفعاله ما يقتضي افتقاره إلى غير نفسه، فإنه إذا كان وحده مستلزماً لصفاته وفاعلاً لأفعاله ما يقتضي افتقاره إلى غير نفسه، فإنه إذا كان وحده مستلزماً لصفاته، فاعلاً لجميع أفعاله، لم يكن شيء مما وجد بغيره، بل جميع ما وجد فلا يخرج من ذاته وصفاته وأفعاله، فلا يتصور أن يكون مفتقراً إلى غير نفسه المقدسة سبحانه وتعالى.

ولكن المقصود أن هذا المحتج إذا قال له المعترض: ما المانع أن تكون هذه الأمور العارضة موقوفة على غير مع كون الحق واجب بذاته؟ لم يكن فيما ذكر حجة، بل ذكر أن تلك الأمور إذا لم تكن من لوازم ذاته بحيث تكون مجرد الذات كافيه فيها، وإلا لزم افتقاره إلى سبب منفصل، واللازم إنما هو افتقار تلك الأمور إلى سبب منفصل، فإن بين أن ما يقوم بالواجب يمتنع أن يكون موقوفاً على سبب منفصل تمت حجته، وإلا فلا، ولا يمكن أن يقيم حجه إلا على أنه لا يقف على ما هو مستغن عن الواجب بنفسه، وهذا حق.

وأما كونه لا يقف على ما هو مفتقر إلى الواجب فهذا لا يمكن إقامة الدلالة عليه.

الوجه السابع: أن يقال: قولك بأن عواض ذاته لا يتوقف على الغير يستلزم أن عواض ذاته يتوقف على الغير، وإذا كان تقدير ثبوته مستلزماً لانتفائه دل على أن تقدير ثبوته مستلزم لجمع بين النقيضين، فلا يكون ثابتاً، وإن شئت قلت: قولك لا تقوم به الحوادث مستلزم لقيام

<<  <  ج: ص:  >  >>