فإن قيل: لم يحصل أمر وجودي، وكان قبل أن يخلق لا يراه، فيكون بعد خلقه لا يراه أيضاً، وإن قيل: حصل أمر وجودي، فذلك الوجودي إما أن يقوم بذات الرب، وإما أن يقوم بغيره، فإن قام بغيره لزم أن يكون غير الله هو الذي رآه، وإن قام بذاته علم أنه قام به رؤية ذلك الموجود الذي وجد، كما قال تعالى:{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}(التوبة: ١٠٥) ، وما سموه إضافات وأحوالاً وتعلقات وغير ذلك.
يقال لهم: هذه أمور موجوده أو ليست موجودة؟ فإن لم تكن موجودة فلا فرق بين حاله قبل أن يرى ويسمع وبعد أن يرى ويسمع، فإن العدم المستمر لا يوجب كونه صار رائياً سامعاً، وإن قلتم: بل هي أمور وجودية، فقد أقررتم بأن رؤية الشيء المعين لم تكن حاصلة، ثم صارت حاصلة بذاته، وهي أمر وجودي.
والمتفلسفة لا يقتصر في إلزامهم على تجدد الإضافات، بل يلزمون بكونه محدثاً للحوادث المتجددة شيئاً فشيئاً، والإحداث هو من مقولة أن يفعل، وأن يفعل: أحد المقولات العشر، وهي أمور وجودية.
فيقال: كونه فاعلاً لهذه الحوادث المعينة بعد أن لم يكن فاعلاً لها، إما أن يكون أمراً حادثاً وإما أن لا يكون حدث كونه فاعلاً، فإن لم يحدث كونه فاعلاً فحاله قبل أن يحدثها وبعد أن يحدثها واحد، وقد كان قبل أن يحدثها غير فاعل لها، فيلزم أن لا يحدث شيء، أو يحدث بلا