تعالى إذا خلق شيئاً فإما أن يخلقه في نفسه، أو في غيره، أو يخلقه قائماً بنفسه، وقد أبطل الأقسام الثلاثة.
ولا ريب أن المعتزلة يقولون: إنه خلقه في غيره، فأبطل ذلك عبد العزيز بالحجة العقلية التي يتداولها أهل السنة، وهو أنه قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن القرآن كلام الله، فإن كان مخلوقاً في محل آخر غيره لزم أن يكون كل كلام مخلوق في محل كلام الله، لتماثلهما بالنسبة إلى الله، ويلزم أن يكون ما يخلقه تعالى من كلام الجلود والأيدي والأرجل كلام الله، فإذا قالوا:{أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم}(فصلت: ٢١) ، كان الناطق هو المنطق، وبشر لم يكن من القدرية، بل كان ممن يقر بأن الله تعالى خالق أفعال العباد، فألزمه عبد العزيز أن يكون كلام كل مخلوق كلام الله، حتى قول الكفر والفحش، وهذا الإلزام صرح به حلولية الجهمية من الاتحادية ونحوهم كصاحب الفصوص والفتوحات المكية ونحوه، وقالوا:
وكل كلام في الوجود كلامه ... سواء علينا نثره ونظامه