ولهذا قال من قال من السلف: من قال: {إنني أنا الله لا إله إلا أنا}(طه: ١٤) مخلوق، فقد جعل كلام الله بمنزلة قول فرعون، الذي قال:{أنا ربكم الأعلى}(النازعات: ٢٤) لأن عنده هذا الكلام خلقه الله في الشجرة، وذلك خلقه في فرعون، فإذا كان هذا كلام الله كان هذا كلام الله.
كما قال سليمان بن داود الهاشمي - أحد أئمة الإسلام نظير الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي بكر بن أبي شيبة وأمثالهم - قال:(من قال القرآن مخلوق فهو كافر، وإن كان القرآن مخلوقاً كما زعموا فلم صار فرعون أولى بأن يخلد في النار إذ قال:{أنا ربكم الأعلى} من هذا؟ وكلاهما عنده مخلوق، فأخبر بذلك أبو عبيد، فاستحسنه وأعجبه، ذكر ذلك البخاري في كتاب خلق أفعال العباد.
وكذلك ذكر نظير هذا عبد الله بن المبارك وعبد الله بن إدريس ويحيى بن سعيد القطان، وهذا مبني على أن الله خالق أفعال العباد، فإذا كان قد خلق في محل: (إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدوني) وخلق في محل: (أنا ربكم الأعلى) كان ذلك المحل الذي خلق فيه ذلك الكلام أولى بالعقاب من فرعون، وإذا كان ذلك كلام الله كان كلام فرعون كلام الله.