عبد العزيز بعد هذا: لم أقل لم يزل الخالق يخلق ولم يزل الفاعل يفعل، وإنما الفعل صفة، والله يقدر عليه، ولا يمنعه منه مانع.
وقد أثبت عبد العزيز فعلاً مقدوراً لله هوصفة له ليس من المخلوقات، وأنه به خلق المخلوقات، وهذا صريح في أنه يجعل الخلق غير المخلوق، والفعل غير المفعول، وأن الفعل صفة لله، مقدور لله، إذا شاء، ولا يمنعه منه مانع، وهذا خلاف قول الأشعري ومن وافقه.
يبقى أن يقال: هذا الخلق - الذي يسمى التكوين - من الناس من يجعله قديماً، ومنهم من يجعله مقدوراً مراداً، وعبد العزيز صرح بأن الفعل الذي به يخلق الخلق مقدور له، وهذا تصرح بأنه يقوم بذات الله عنده ما يتعلق بقدرته، وما كان موجوداً مقدوراً لله فهو مراد له بالضرورة واتفاق الناس.
وأيضاً فإنه قال: قد أقر بشر أن الله أحدث الأشياء بقدرته، وقلت أنا: إنه أحدثها بأمره وقوله عن قدرته، فقد صرح بأن القول يكون عن قدرته، فجعل قول الله مقدروراً له مع أنه صفة له عنده.
وهذا قول من يقول: إنه يقدر على التكلم، وإنه بمشيئته وقدرته، وليس هو قول من يقول: إن القول لازم له، لا يتعلق بقدرته ومشيئته.