للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتبين أن عبد العزيز الكناني يثبت أنه يقوم بذات الله تعالى ما يتعلق بمشيئته وقدرته، وأنه لا يجعل كل واحد من ذلك قديماً، وإن كان النوع قد يكون قديماً، لأن بشراً لما قال له: أحدثها بقدرته التي لم تزل، قال له: أفليس تقول: لم يزل قادراً؟ قال: بلى، قال: فتقول إنه لم يزل يفعل؟ قال: لا، قال: فلا بد أن يلزمك أن تقول: إنه خلق بالفعل الذي كان بالقدرة.

وهذا لأنه إذا كان لم يزل قادراً ولا مخلوقاً ثم وجد مخلوق، لم يكن قد وجد بقدرة بلا فعل، فإنه لو كان مجرد القدرة كافياً في وجوده بلا فعل للزم مقارنة المخلوق للقدرة القديمة.

وهذا المقام هو المقام المعروف، وهو أنه: هل يمكن وجود الحوادث بلا سبب حادث أم لا؟ فإن جمهور العقلاء يقولون: إن انتفاء هذا معلوم بالضرورة، وإن ذلك يقتضي الترجيح بلا مرجح، وهذا هو الذي ذكره عبد العزيز، بخلاف قول من يقول: إن نفس القادر يرجح أحد طرفي مقدروه بلا مرجح، كما يقوله أكثر المعتزلة والجهمية، أو بمجرد إرادة قديمة كما تقوله الكلابية والكرامية فإن هذا هو الذي ذكره بشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>