فعل ومخلوق سيفعله وسيخلقه، لا يقال: لم يزل فاعلاً له خالقاً بمعنى مقارنته له.
وإذا أريد أنه لم يزل فاعلاً للنوع، كان هذا بمعنى قولنا:(إنه لم يزل سيفعل ما يفعله) لكن هذه العبارة تفهم من الباطل ما لا تفهمه تلك العبارة.
وهذا الموضع للناس فيه أقوال، فإن جمهور أهل السنة يقولون: لم يزل الله خالقاً فاعلاً، كما قال الإمام أحمد: لم يزل الله عالماً متكلماً غفوراً، بل يقولون: لم يزل يفعل، إما بناء على أن الفعل قديم وإن كان المفعول محدثاً، أوبناء على قيام الأفعال المتعاقبة بالفاعل.
ومذهب بشر وإخوانه الجهمية: أن المخلوقات كلها كائنة بدون فعل ولا خلق وكلام الله من جملتها، فألزمه عبد العزيز على أصله، فقال له: إذا قلت: كان الله ولما يفعل ولما يخلق شيئاً، وهو لم يزل قادراً، ثم خلق المخلوقات، فأنت تقول: لم يزل قادراً ولا تقول: لم يزل يفعل المخلوقات، فلا بد له من أن يكون هناك فعل حصل بالقدرة، وليس هو القدرة التي لم تزل ولا هو المخلوق المنفصل، إذ لو كان كذلك لكان المخلوق قد وجد من غير خلق، والمفعول قد وجد من غير فعل، وهذا أعظم امتناعاً في العقل من كونه وجد بغير قدرة، فإنه