للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا عرض على العقل مفعول مخلوق حدث بعد أن لم يكن بلا فعل ولا خلق كان إنكار العقل لذلك أعظم من إنكاره لحدوثه من غير قدرة الفاعل، وإنكاره لحدوثه من غير فاعل أعظم امتناعاً في العقل من هذا وهذا، فإذا قيل: فعله الفاعل بلا قدرة، أنكره العقل، وإذا قيل: فعله بالقدرة التي لم تزل بدون فعل، كان إنكاره أعظم، وإذا قيل: حدث بلا فاعل، كان أعظم وأعظم، فإن الفاعل بلا فعل كالعالم بلا علم، والحي بلا حياة، والقادر بلا قدرة نحو ذلك وذلك نفي لجزء مدلول اللفظ الذي دل عليه بالتضمن، وأما نفي القدرة عن الفاعل فهو نفي لما دل عليه باللزوم العقلي.

وإذا قال القائل: (بل يجوز أن يكون المفعول المخلوق حدث بلا فعل ولا خلق غيره، لأنه لو كان بفعل للزم أن يكون للفعل فعل، ولزم التسلسل وأن يكون محلاً للحوادث) .

قيل: فعلى هذا يجوز أن يكون المفعول المخلوق حدث بلا قدرة من الفاعل، لأن ثبوت القدرة يستلزم ثبوت الصفات وقيام الأعراض به.

فإذا قال: (الفعل بدون القدرة ممتنع، وليس في العقل ما يحيل لوازم القدرة، بل علمنا بامتناع الفعل بلا قدرة أعظم من علمنا بامتناع قيام الصفات به، وإن سماها المسمي أعراضاً) .

<<  <  ج: ص:  >  >>